لقد آن الأوان لنقول كفى

لقد كانت السنوات الست المنصرمة منذ توقيع اتفاق باريس بشأن تغير المناخ الأشد سخونة على الإطلاق.
إدماننا على الوقود الأحفوري يدفع البشرية إلى شفير الهاوية.
نواجه خيارًا صعبًا: إما أن نوقف هذا الإدمان وإما أن يفضي بنا هو إلى الهلاك.
لقد آن الأوان لنقول كفى.
كفى من التجني على التنوع البيولوجي.
كفى من قتل أنفسنا بالكربون.
كفى من التعامل مع الطبيعة وكأنها مرحاض.
كفى استغراقًا في الحرق والحفر والتعدين كما يحلو لنا.
نحن نحفر قبورنا.
كوكبنا يتغير أمام أعيننا - من أعماق المحيطات إلى قمم الجبال، ومن ذوبان الأنهار الجليدية إلى توالي الظواهر الجوية القصوى بلا هوادة.
ارتفاع مستوى سطح البحر بلغ ضعف ما كان عليه قبل 30 عامًا.
صارت المحيطات أكثر سخونة من أي وقت مضى وسخونتها تزداد بوتيرة أسرع.
غدت أجزاء من غابات الأمازون المطيرة تطلق الآن من الكربون أكثر مما تمتص.
تخلق الإعلانات الأخيرة بشأن الإجراءات المناخية انطباعًا بأننا على الطريق الصحيح نحو تغيير الوضع.
إن ذلك محض وهم.
أظهر آخر تقرير نُشر عن المساهمات المحددة وطنيًا أنها ستظل تحكم على العالم بزيادة كارثية في درجات الحرارة قدرها 2.7 درجات.
حتى لو كانت التعهدات الأخيرة واضحة وذات مصداقية - وبعضها يثير الكثير من الأسئلة - فإننا ما زلنا نسير بخطى حثيثة نحو كارثة مناخية.
حتى في أفضل الأحوال، فإن ارتفاع الحرارة سيفوق درجتين بكثير.
لهذا السبب، ومع افتتاح مؤتمر المناخ الذي طال انتظاره، ما زلنا نتجه نحو كارثة مناخية.
الشباب يعرفون ذلك.
كل الدول ترى ذلك.
والدول الجزرية الصغيرة النامية - وغيرها من الدول الضعيفة - تشعر بالفعل بهذا الواقع.
بالنسبة لهم، الفشل ليس خيارًا.
الفشل هو بمثابة حكم الإعدام.
لقد حانت لحظة الحقيقة.
نحن نقترب بسرعة من تحولات كبرى من شأنها أن تتسبب في تفاقم تداعيات الاحترار العالمي.
غير أن الاستثمار في أنشطة تحييد أثر الكربون وبناء اقتصاد قادر على الصمود في وجه آثار تغير المناخ سيحدثان تداعيات محمودة بفضل ما يفضيان إليه من نمو مستدام وإيجاد الوظائف وإتاحة الفرص.
يمكننا أن نبني على بعض التطورات.
تعهد عدد من البلدان بالتزامات ذات مصداقية فيما يتعلق بتحييد أثر انبعاثات الكربون بحلول منتصف القرن.
أوقف العديد من البلدان التمويل الدولي للفحم.
تتصدر أكثر من 700 مدينة الجهود المبذولة من أجل تحييد أثر الكربون.
القطاع الخاص قد بدأ يتحرك.
يقوم تحالف أصحاب الأصول الصفرية الصافية - المعيار الذهبي للالتزامات الموثوقة والأهداف الشفافة - بإدارة أصول بقيمة 10 تريليونات دولار أمريكي وتحفيز التغيير عبر الصناعات.
إن جحافل العمل المناخي - بقيادة الشباب - لن يوقفها في زحفها شيء.
هي أكثر نفرًا، وهي أضخم صوتًا.
وأنا أؤكد لكم أن أفرادها لن يرحلوا.
أنا متضامن معهم.
العلم لا يترك مجالًا للشك. نحن نعرف بالضبط ما يجب القيام به.
أولاً، يجب أن نبقي هدف 1.5 درجة مئوية في متناول اليد.
هذا يتطلب المزيد من الطموح فيما يتعلق بتدابير التخفيف واتخاذ إجراءات محددة وفورية لخفض الانبعاثات العالمية بنسبة 45% بحلول عام 2030.
تقع على عاتق بلدان مجموعة العشرين مسؤولية خاصة لأنها مسؤولة عن حوالي 80% من الانبعاثات.
يجب على الدول المتقدمة أن تقود الجهود وفقًا لمبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة في ضوء الظروف الوطنية.
على الاقتصادات الناشئة أيضًا أن تبذل جهدًا إضافيًا، لأن مساهمتها ضرورية لخفض الانبعاثات بشكل فعال.
نحن بحاجة إلى أقصى قدر من الطموح - من جميع البلدان وعلى جميع الجبهات - لإنجاح مؤتمر غلاسكو.
أحث البلدان المتقدمة والاقتصادات الناشئة على بناء تحالفات قادرة على تهيئة الظروف المالية والتكنولوجية المواتية للتعجيل بإزالة الكربون من الاقتصاد والتخلص التدريجي من الفحم. تهدف هذه التحالفات إلى دعم أكبر مصادر الانبعاثات التي تواجه المزيد من الصعوبات في الانتقال من اللون الرمادي إلى اللون الأخضر كي تتمكن من القيام بذلك.
دعونا لا نخدع أنفسنا: إذا كانت الالتزامات قاصرة بنهاية مؤتمر الأطراف هذا، فيجب على البلدان أن تعيد النظر في خططها وسياساتها المناخية الوطنية.
لا كل خمس سنوات، بل كل عام. كل لحظة.
حتى يتم التأكد من الإبقاء على هدف 1.5 درجة.
حتى يتم إلغاء دعم الوقود الأحفوري.
حتى يتم وضع سعر على الكربون.
حتى يتم التخلص التدريجي من الفحم.
لكننا نحتاج أيضًا إلى مزيد من الوضوح.
ثمة نقص في المصداقية وفائض في الغموض بشأن مقادير خفض الانبعاثات وأهداف تحييد أثر الكربون، حيث تختلف المعاني وتتباين المقاييس.
لهذه الأسباب، أعلن إنشاء فريق خبراء - خارج نطاق الآليات المنشأة بالفعل في إطار اتـفاق باريس - لاقتراح معايير واضحة لقياس التزامات الأطراف من غير الدول في مجال تحييد أثر الكربون وتحليل تلك الالتزامات.
ثانيًا ، يجب أن نفعل المزيد لحماية المجتمعات الضعيفة من الأخطار الواضحة والقائمة لتغير المناخ.
خلال العقد الماضي، تضرر ما يقرب من 4 بلايين شخص من الكوارث المتصلة بالمناخ.
هذا الدمار لن يتوقف بل سيزداد.
لكن إجراءات التكيف تؤتي ثمارها.
نظم الإنذار المبكر تنقذ الأرواح. والزراعة والبنية التحتية المراعيتان لاعتبارات تغير المناخ تضمنان الحفاظ على فرص العمل.
يجب على جميع الجهات المانحة تخصيص نصف تمويلها لأنشطة التكيف مع آثار تغير المناخ.
يجب أن تفعل المصارف الإنمائية العامة ومتعددة الأطراف الشيء نفسه في أقرب وقت ممكن.
ثالثًا ، يجب أن يشكل مؤتمر الأطراف هذا لحظة تضامن.
يجب أن يصبح الالتزام بتمويل الأنشطة المناخية بقيمة 100 بليون دولار سنويًا لدعم البلدان النامية واقعًا ملموسًا بالفعل.
هذا الأمر في منتهى الأهمية لاستعادة الثقة والمصداقية.
أرحب بالجهود التي تقودها كندا وألمانيا لمساعدتنا في الوصول إلى هذا الهدف.
إنها خطوة أولى مهمة - لكنها تؤخر الدعم الأكبر لسنوات، ولا تقدم ضمانات واضحة.
ولكن أبعد من الـ100 مليار دولار، تحتاج البلدان النامية إلى موارد أكبر بكثير لمحاربة كوفيد-19 وبناء القدرة على الصمود والسعي لتحقيق التنمية المستدامة.
يتعين توفير التمويل العاجل للبلدان الأشد تضررًا ألا وهي أقل البلدان نموًا والدول الجزرية الصغيرة النامية.
ثمة حاجة إلى المزيد من التمويل العام لأنشطة مكافحة تغير المناخ، وإلى المزيد من المساعدات الإنمائية الخارجية، وإلى المزيد من المنح، وإلى زيادة تيسير شروط الحصول على التمويل.
ويجب على المصارف الإنمائية المتعددة الأطراف أن تعمل بجدية أكبر لتعبئة استثمارات أكبر من خلال التمويل المختلط والخاص.
لقد دق ناقوس الخطر.
كوكبنا يتحدث إلينا ويخبرنا بشيء ما.
وكذلك الناس في كل مكان.
يتصدر العمل المناخي قائمة اهتمامات الناس في جميع أنحاء العالم، بغض عن البلد الذي يعيشون فيه أو عن أعمارهم أو جنسهم.
يجب أن نصغي - وعلينا أن نتصرف - وأن نكون حكماء في اختياراتنا.
نيابة عن أبناء وبنات هذا الجيل والأجيال المقبلة، أحثكم على:
اختاروا الطموح.
اختاروا التضامن.
اختاروا حماية مستقبلنا وإنقاذ البشرية، وأنا أشكركم.




