مدونة بقلم المنسق المقيم في جمهورية الكونغو الديمقراطية: لإيجاد خطة مشتركة لمعالجة النزوح

على مدى السنوات العشر الماضية، تضاعف عدد الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من ديارهم والتشرد داخل بلدانهم. يتزايد النزوح في جميع أنحاء العالم. ولكن هنا، في جمهورية الكونغو الديمقراطية، كانت الزيادة في عدد النازحين صارخة للغاية.
يوجد في البلاد أكبر عدد من النازحين في القارة الأفريقية: 6.2 مليون شخص، بما في ذلك 700000 نازح جديد هذا العام. كما تستضيف جمهورية الكونغو الديمقراطية أكثر من 500000 لاجئ وطالب لجوء (معظمهم من بوروندي وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان).
غالبًا ما تكون العوامل التي تؤدي إلى النزوح معقدة ومترابطة: النزاعات أو الصدمات المناخية أو الكوارث أو ارتفاع معدلات جرائم العنف. في جمهورية الكونغو الديمقراطية، شكلت النزاعات المستمرة في المقاطعات الشرقية لإيتوري وشمال كيفو وجنوب كيفو، فضلاً عن التوترات المتجددة في المناطق الجنوبية الوسطى من كاساي وتنجانيقا، السبب الأساسي للنزوح في البلاد، ما أجبر ملايين الأشخاص على مغادرة منازلهم لمرات عدة في كثير من الأحيان.
مع دخول النزاعات القبلية في المقاطعات الشرقية عقدها الثاني، واستمرار التوترات وأعمال العنف المتعلقة باستخدام الأراضي واستغلال الموارد الطبيعية، لا سيما بسبب وجود العديد من الجماعات المسلحة النشطة في هذه المناطق، تضطر العائلات النازحة إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية من أجل الصمود.

تعزيز الجسور بين مختلف مجالات التدخل الميدانية
كما نعلم، فإن المساعدة الإنسانية - على الرغم من أهميتها لتخفيف المعاناة على المدى القصير - إلا أنها ليست كافية لحل المشاكل الهيكلية العميقة الجذور التي تؤدي إلى النزوح. وقد تكون الحاجة إلى إيجاد حلول دائمة وطويلة الأمد لهذه القضية في جمهورية الكونغو الديمقراطية أكثر إلحاحًا.
من الضروري استعادة التوازن بين العمل الإنساني وبناء السلام والتدخلات التنموية، وهي خطوة أولى من سلسلة طويلة من الخطوات الضرورية لبناء حلول طويلة الأمد للنزوح وتلبية احتياجات ملايين الأشخاص الذين تقطعت بهم السبل في مواقع المشردين داخليًا.
على مدى السنوات القليلة الماضية، عمل فريق الأمم المتحدة القطري في جمهورية الكونغو الديمقراطية وكذلك الفريق القطري للعمل الإنساني بشكل وثيق مع الحكومة وسلطات المقاطعات، إلى جانب شركاء آخرين يعملون في مجالات التنمية والعمل الإنساني وبناء السلام، من أجل تنفيذ استراتيجية لتعزيز الجسور بين العمل الإنساني والتدخلات الإنمائية وتوطيد السلام.
من خلال العمل بالتنسيق مع الشركاء الوطنيين والدوليين، تُخرجنا هذه الاستراتيجية القائمة على الترابط من النهج المتمحور حول المشروع لمعالجة الأسباب الهيكلية الرئيسية للنزوح، وهي الأسباب التي أسميها بـ"العقد المستعصية". بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال تجربتي الأخيرة في هايتي كمنسق مقيم ومنسق للشؤون الإنسانية ونائب الممثل الخاص للأمين العام، أدركت أيضًا أهمية العمل مع السلطات الوطنية لتعزيز وتنفيذ السياسات العامة المعمول بها من أجل تسريع عملية التنمية في البلاد.
التنمية وتأثيرها المضاعف
يكمن في صميم هذا النهج الاعتراف بأنه بعد 20 عامًا من الاعتماد على المجتمع الإنساني ووجود قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، والتي تلعب دورًا أساسيًا في حماية المدنيين، يجب إعطاء مساحة أكبر للجهات الإنمائية الفاعلة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والعمل معها بطريقة أكثر توازناً لمعالجة عوارض النزوح ودوافعه.
حتى خلال فترة الأزمة الحالية والعنف المتصاعد، رأيت مدى أهمية إرساء الأساس لعملية التنمية ومعالجة مكامن الضعف الكامنة وراء اقتلاع العديد من العائلات في جميع أنحاء البلاد في المقام الأول.

خلال زياراتي لمقاطعة تنجانيقا التي تضم عددًا كبيرًا من النازحين، أدهشني عدد وتنوع العوامل المؤثرة - عوارض النزوح ودوافعه، بما في ذلك المستويات المرتفعة لانعدام الأمن الغذائي، وصعوبة الوصول إلى الخدمات، والتنافس على الموارد الطبيعية للمنطقة، وتصاعد العنف ضد المدنيين.
لقد تحدثت مع العديد من النازحين خلال هذه الزيارات، وقد شارك كل منهم قصته كنازح، وشرحوا لي الظروف الصعبة التي يواجهونها فيها حاليًا.
وأوضح أحد ممثلي النازحين في موقع كابيمبي في محلة طابا كونغو أن "أكثر ما نرغب به هو العودة إلى ديارنا، لزراعة أرضنا، لكن الظروف الأمنية لم تتحقق بعد - لذا علينا أن نواصل العيش في هذه الظروف الصعبة. نريد عودة السلام لأن السلام الدائم وحده سيسمح لنا بأن نعود إلى قرانا".
من الواضح أن إيجاد حل دائم للنزوح القسري في هذا الجزء من البلاد يتطلب مشاركة العديد من الجهات الفاعلة المختلفة: بناة السلام والعاملون في المجال الإنساني وشركاء التنمية والحكومة المحلية، وجميعهم يعملون معًا من أجل تنفيذ خطة مشتركة والخروج بنتائج جماعية.
ضِمن هذا الإطار من التفاعلات بين مختلف مجالات التدخل، يمكن أن يكون للأنشطة الإنمائية تأثير تحفيزي كبير، ما يساعد على تعزيز الوسائل المتاحة للجهات الفاعلة والآليات المحلية، وتحفيز التنمية الاقتصادية المحلية ومساعدة الدولة على استعادة سلطتها. إن العمل مع المنظمات المحلية، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني أمر أساسي. يجب أن نواصل ممارسة مبادئنا في التكيف مع السياق المحلي.
في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي منطقة اعتمدت بشكل كبير على الجهات الفاعلة الإنسانية في الماضي لتوفير الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية العامة، يُعدّ تمكين الجهات الحكومية المحلية خطوة أساسية لبناء حلول أكثر استدامة للنزوح، وهو ما سيواصل فريق الأمم المتحدة العمل عليه كأولوية في خلال السنوات المقبلة.

الأمل يلوح في الأفق
يمثل برنامج عمل الأمين العام للأمم المتحدة بشأن النزوح، والذي تم إطلاقه اليوم، خطوة مهمة في هذا الاتجاه. بناءً على التوصيات الصادرة عن اللجنة رفيعة المستوى المعنية بالنزوح في نهاية عام 2019، تحدد خطة العمل سلسلة من الالتزامات لتوسيع نطاق عمل منظومة الأمم المتحدة وبناء حلول أكثر استدامة لمعالجة قضية النزوح، من خلال جعل الوقاية، الحماية والشراكات المحلية في صميم هذه المسألة.
إن التحديات الماثلة أمام جمهورية الكونغو الديمقراطية كبيرة، لكنني آمل أن توفر خطة العمل الجديدة، بالتوازي مع تطبيق النهج القائم على الترابط، المزيد من الحماية للمجتمعات النازحة، وتعزز وسائل عمل السلطات المحلية، وتشرك الجهات الفاعلة في مجال التنمية.
كتب هذه المدونة نائب الممثل الخاص لبعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية برونو لوماركيز، والمنسق المقيم ومنسق العمليات الإنسانية في جمهورية الكونغو الديمقراطية. قدّم الدعم التحريري مكتب التنسيق الإنمائي التابع للأمم المتحدة.
سيتم بث حدث إطلاق برنامج العمل على التلفزيون الشبكي للأمم المتحدة غدًا، 24 يونيو، الساعة 10:30 صباحًا بتوقيت شرق الولايات المتحدة. لمزيد من المعلومات حول برنامج عمل الأمم المتحدة بشأن النزوح، انقر هنا.
لمعرفة المزيد عن عمل الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، قم بزيارة: drcongo.un.org. لمعرفة المزيد حول نتائج عملنا في هذا المجال ومجالات أخرى، يرجى الاطلاع على تقرير رئيسة مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة حول مكتب التنسيق الإنمائي.