الأمين العام للأمم المتحدة: حقوق الإنسان مؤثِرة ولا مفر منها
أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الاثنين أن الحلول لبعض أكثر مشاكل العالم إلحاحاً تستمد جذورها من حقوق الإنسان.
وفي رسالة عبر الفيديو أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، قال السيد غوتيريش إنه على الرغم من أن الحقوق "تتعرض للاعتداء في كل مكان"، إلا أن الناس متمسكون في المطالبة بها.
"لا يمكن للديكتاتوريين أن يصادروا حقوق الإنسان، ولا يمحوها الفقر. كما أنها ليست ترفًا يمكن تركه لوقت لاحق". وقال في كلمة ألقاها أمام الدورة السنوية للمجلس إن حقوق الإنسان "مؤثرة ولا مفر منها".
حريق خماسي الإنذارات
خلال عرض أولوياته لهذا العام على الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، حذر الأمين العام مما أسماه "حريقًا عالميًا خماسي الإنذارات" يهدد المجتمع الدولي.
وحث السيد غوتيريش البلدان على إعطاء الأولوية للتعبئة من أجل مواجهة جائحة كوفيد-19، والتمويل العالمي، والعمل المناخي، والفوضى في الفضاء الإلكتروني، والسلام والأمن.
وأبلغ المجلس بأن "حلول هذه الأزمات كلها تستمد جذورها من حقوق الإنسان".
ضد اللامساواة في إعطاء اللقاحات
فيما يتعلق بالوباء، أشار إلى استمرار عدم المساواة في اللقاحات، والذي أدى إلى قيام الدول الأكثر ثراءً بإعطاء جرعات تفوق 13 مرة لكل شخص مقارنة بالدول الفقيرة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن "اللامساواة في إعطاء اللقاحات تظهر التجاهل التام لحقوق الإنسان في بلدان ومناطق بأكملها".
وناشد مرة أخرى الحكومات وشركات الأدوية والشركاء تقديم الدعم العاجل للاستراتيجية العالمية بهدف تحصين 70% من الناس في جميع البلدان، على النحو الذي حددته منظمة الصحة العالمية.
وتابع السيد غوتيريش أن الوباء يواصل دفع الملايين في كل أنحاء العالم إلى حافة الجوع والفقر، ما يقوض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. كما تم استخدامه كذريعة لكبح الحقوق المدنية والسياسية.
وقال: "يمكننا معالجة هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان على أفضل وجه من خلال تركيز استجابتنا على الحقوق نفسها - وهو نهج منصوص عليه في دعوتي إلى العمل بشأن حقوق الإنسان، وخطة عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة".
نظام التمويل: "الإفلاس الأخلاقي"
كشف التعافي غير المتكافئ من الوباء ما وصفه السيد غوتيريش بأنه "الإفلاس الأخلاقي" للنظام المالي العالمي.
لقد أدى الوباء إلى جمود الاقتصادات النامية التي يواجه الكثير منها التخلف عن الوفاء بديونه. قلة من هذه الاقتصادات ستكون قادرة على الاستثمار في انتعاش قوي ومستدام.
مع وجود ملايين الأطفال خارج المدرسة، أصبح التعليم "أزمة داخل أزمة" وسببًا آخر لحاجة المجتمع الدولي إلى "اتفاق عالمي جديد" يضمن تقاسم السلطة والثروة والفرص بشكل أكثر إنصافًا.
سيكون هذا العقد الاجتماعي المتجدد ضروريًا لمعالجة الفقر والجوع، والاستثمار في التعليم، وإعادة بناء الثقة والتماسك الاجتماعي. وشدد على أن حقوق النساء والفتيات يجب أن تكون أولوية.
وأضاف: "إن الانتعاش هو فرصة للاستثمارات الموجهة نحو تعليم المرأة، والتوظيف، والتدريب والعمل اللائق، لتعويض ما فقدته خلال الوباء".
حالة طوارئ مناخية ثلاثية
فيما يتعلق بأزمة المناخ، سلّم السيد غوتيريش بأحدث تقرير عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بشأن التكيف، والذي صدر في اليوم نفسه، واصفًا إياه بأنه "إيذان جديد للعالم الذي نعرفه".
وقال إن حالة الطوارئ الكوكبية الثلاثية المتمثلة في تغير المناخ والتلوث وخسارة الطبيعة، تشكل تهديدًا لكل حقوق الإنسان.
وقال "لنكن واضحين: قلة من الدول تسحق حقوق بقية العالم. هناك عدد قليل من الشركات تجني أرباحًا طائلة، بينما تتجاهل حقوق الفئات الأشد فقراً وضعفاً".
وأعرب الأمين العام عن تضامنه مع الشباب والنساء والفتيات والدول الجزرية الصغيرة ومجتمعات الشعوب الأصلية الذين يقودون المعركة.
كما رحب باعتراف المجلس بالحق في بيئة صحية، والذي وصفه بأنه "أداة مهمة للمساءلة والعدالة المناخية".
"الغرب المتوحش" في الفضاء الإلكتروني
بالانتقال إلى التكنولوجيا الرقمية، شجب السيد غوتيريش "الغرب المتوحش بوجه حقوق الإنسان" الذي يتميز بالفجوة الرقمية وحجب الإنترنت وحملات التضليل وانتشار برامج التجسس وغيرها من الأدوات.
وأشار أيضًا إلى الفظائع الإلكترونية الأخرى، بما في ذلك الرقابة على الأقليات العرقية والدينية والشباب ومجتمعات الشعوب الأصلية ونشطاء حقوق المرأة وأعضاء مجتمع المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وأحرار الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين وأفراد الفئات الجنسانية الأخرى.
وقال السيد غوتيريش إنه يجب التعامل مع الإنترنت على أنه منفعة عامة عالمية تعود بالنفع على الجميع في كل مكان.
"نحن بحاجة إلى ساحة عامة رقمية تكون شاملة وآمنة للجميع؛ ومنصات التواصل الاجتماعي التي تدعم حقوق الإنسان والحريات".
حقوق في مرمى النيران
بالنسبة للنقطة الأخيرة، تحدث السيد غوتيريش عن كيف أن توسع نطاق العنف والصراع يحرم ملايين الأشخاص من حقوقهم.
“نحن نعلم النتيجة الحتمية للحرب: سقوط ضحايا مدنيين. النساء والأطفال والرجال أجبروا على ترك منازلهم: الجوع والفقر والاضطراب الاقتصادي الهائل. إن الصراع هو إنكار تام لحقوق الإنسان بصورة شاملة".
وفي حديثه عن الأزمة في أوكرانيا، قال الأمين العام إن العملية العسكرية الروسية تؤدي إلى تصعيد انتهاكات حقوق الإنسان.
وقال: "لقد دعوت باستمرار إلى إنهاء الهجوم والعودة إلى مسار الحوار والدبلوماسية. يجب أن نظهر لجميع الناس في أوكرانيا أننا نقف إلى جانبهم في وقت الحاجة".
يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الخميس جلسة طارئة بشأن الوضع في أوكرانيا.
تم نشر هذه المقالة في الأصل باللغة الإنكليزية على موقع أخبار الأمم المتحدة. لمعرفة المزيد حول عمل الأمم المتحدة في أوكرانيا، قم بزيارة: Ukraine.un.org.