الشباب في هايتي يحشدون جهودهم من أجل الاستجابة للزلزال الأخير
شانيل برنارد، 29 عامًا، من بلدة بيستل الواقعة في مقاطعة غراند آنس في هايتي، على بعد 80 كيلومترًا من مدينة لي كاي. يعيش سكان هذه البلدة البالغ عددهم 90.000 نسمة بين البحر والجبال وفقًا لإيقاع أيام السوق - الأربعاء والسبت - وحركة السفن التي تفرغ بضائعهم في الميناء من البلدات المجاورة.
بعد تخرجه من المدرسة الثانوية، بدأ شانيل الدراسة في الجامعة في بورت أو برنس، مثل الآلاف من الشباب الهايتيين كل عام. تُعدّ العاصمة مركزًا لمعظم برامج التعليم العالي والخدمات الجامعية في البلاد. يقول شانيل: "كنت سعيدًا بالالتحاق بالجامعة، على الرغم من أن الابتعاد عن والدي وإخوتي السبعة كان صعبًا في بعض الأحيان". وبفضل شغفه بالموسيقى، وجد شانيل وظيفة كمنسق أغاني بهدف تمويل دراسته علوم الكمبيوتر في جامعة خاصة.
ولكن في عام 2020، مع ارتفاع نسبة عدم الاستقرار الأمني في العاصمة وتدهور الوضع الاقتصادي، اضطر شانيل إلى التوقف عن دراسته والعودة للعيش في بيستل. حالته ليست الوحيدة، ففي كل عام يدفع الفقر وانعدام الأمن، لا سيما في بورت أو برنس، العديد من الشباب الهايتيين إلى ترك المدرسة أو الجامعة. تتأثر الفتيات والشابات بشكل خاص بهذه الظاهرة. في يونيو من هذا العام، أدى اندلاع أعمال عنف مرتبطة بالعصابات في بورت أو برنس إلى نزوح ما يقارب الـ19000 شخص.
بعيدًا من الإحباط، افتتح شانيل متجرًا للمشروبات عند عودته إلى بيستل، بينما استمر في العمل كمنسق أغاني. وبهذه الصفة تمت دعوته في أحد الأيام إلى المساعدة في إطلاق نادي U-Report المحلي.
تم إطلاق U-Report في هايتي في يونيو 2019، وهو أداة مجانية طورتها منظومة الأمم المتحدة من خلال اليونيسف ومكتب العمل الدولي، بالشراكة مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ومعهد الرعاية الاجتماعية والبحوث والمجلس الوطني للاتصالات. يسمح النادي للشباب بالتعبئة على الشبكات الاجتماعية وعن طريق الرسائل القصيرة لمعالجة المشاكل في مجتمعاتهم، بما في ذلك في مجالات حماية الطفل والصحة والتعليم والمياه والنظافة والصرف الصحي. متحمسًا بشأن المبادرة التي جمعت 36000 شاب، لم يتردد شانيل في المشاركة: "مجتمعي كان في حاجة ماسة إليّ، وأردت أن أكون مفيدًا".
شبكة تعبئة مجتمعية
يوم السبت 14 أغسطس 2021 حوالي الثامنة صباحًا، كان شانيل برنارد في طريقه للقاء طاقم عمل ناقلة تحمل طلبية له، عندما ضرب زلزال بقوة 7.2 درجة مقاطعات غراند آنس، سود ونيبس في هاييتي.
يتذكر قائلاً: "بدأ كل شيء يتحرك حولي. من الطريقة التي كانت تهتز بها الأرض تحت قدمي، أدركت بسرعة مدى خطورة الكارثة". مدركًا الحاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة، بدأ شانيل الطلب من الناس مغادرة منازلهم. يتابع قائلًا: "ذهبت إلى الساحل لأخبر الناس بالتوجه إلى داخل الجزيرة، إذ يمكن أن يحدث تسونامي في أي لحظة". قام شانيل بتسجيل الدخول إلى حسابه على فيسبوك، واستخدم شبكات التوزيع الخاصة به وشبكة نادي U-Report لتوزيع المياه في المدينة.
"كان الوضع في بيستل صعبًا بالفعل قبل الزلزال، وهذا كان أحد أسباب مغادرتي إلى بورت أو برنس. لكننا اليوم نفتقر إلى كل شيء، بدءًا من مياه الشرب. ينام الناس في العراء".
لقد خلف الزلزال بشكل عام أكثر من 2000 قتيل و12000 جريح والمئات في عداد المفقودين، إضافة إلى تدمير عشرات الآلاف من المنازل. تأثر ما مجموعه 800.000 شخص، من بينهم 650.000 بحاجة إلى مساعدات إنسانية. كانت مبادرة U-Report مفيدة في الاستجابة الإنسانية للزلزال من خلال جمع البيانات. ووفقًا لأحدث تقرير أعدّته اليونيسف عن الوضع الراهن، والذي يعتمد بشكل خاص على البيانات التي جمعتها شبكة U-Report، أشار 72٪ من السكان في المناطق الثلاث الأكثر تضررًا في البلاد إلى أن المرافق الصحية الواقعة بالقرب من منازلهم قد تضررت بسبب الزلزال، وذكر 60٪ على الأقل أن الخدمات الصحية تعطلت بسبب نقص العاملين والمعدات الطبية والإمدادات وإغلاق المنشآت الصحية أو تضررها من جراء الكارثة.
في أغسطس، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها نداءً إنسانيًا طارئًا بقيمة 187.3 مليون دولار لتقديم المساعدة الطارئة إلى 500000 شخص تضرروا من الزلزال، بما في ذلك من حيث المأوى، المياه والصرف الصحي، الرعاية الصحية الطارئة، الغذاء، الحماية والإنعاش المبكر. ابتداءً من 3 سبتمبر، تلقى ما يقارب الـ46٪ من العائلات المتضررة مساعدات إنسانية، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
سبب للأمل
إن القدرة على الصمود وتعبئة المجتمع في هايتي سببان يبعثنان على الأمل بالنسبة للأمم المتحدة. يقول برونو لوماركيز، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في هايتي إن "المنظمات المحلية والمنظمات الشعبية والسلطات المحلية وعمداء الحماية المدنية والعديد من المتطوعين بما في ذلك الشباب من شبكة U-Report كانوا أول من هب إلى إنقاذ المواطنين المحتاجين قبل وصول فرق الإغاثة. كل هذا التضامن بين الناس وبين المجتمعات، هذا العمل التعاوني الجماعي، مستمر كجزء من الاستجابة الإنسانية وعملية الإنعاش. في الواقع، هم المحركون الرئيسيون للتعافي - وينبغي أن تهدف المساعدة الخارجية إلى دعم هذه الجهود المحلية، لا أن تحل محلّها.
وقال برونو مايس، ممثل اليونيسف في هايتي "إن التزام الشباب من شبكة U-Report ومشاركتهم هو ثمرة العمل الفعال الذي اتخذته منظومة الأمم المتحدة في هايتي من خلال اليونيسف. وتعبئة هؤلاء الشباب بالنسبة لنا مصدر فخر وأمل. إنّ حماسهم وتصميمهم، والأهم من ذلك تلقائيتهم في مساعدة المحتاجين، لا سيما الأطفال والنساء، هي وسيلة للتغيير في هايتي. هذا الشباب هو مستقبل البلد.
"أنا فخور جدًا لأنني ساعدت مجتمعي"، يقول شانيل، داعيًا الشباب إلى المشاركة بشكل أكبر في خدمة مجتمعهم. "نحن بحاجة إلى المساعدة. معًا، يمكننا تحقيق الكثير! هايتي بحاجة إلينا!".
النسخة الفرنسية كتابة جروشا فاستي ميشيل، مسؤولة الاتصالات من مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة في هايتي. الدعم التحريري من قبل أحمد بن الأسود من مكتب التنسيق الإنمائي الذي قام أيضًا بعملية الترجمة من الفرنسية إلى الإنجليزية. لمعرفة المزيد حول عمل الأمم المتحدة في هايتي، قم بزيارة موقع: Haiti.UN.org. لمعرفة المزيد حول نتائج عملنا في هذا المجال ومجالات أخرى، يرجى الاطلاع على تقرير رئيسة مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة حول مكتب التنسيق الإنمائي.