إعصار غومبي: تأثير تغير المناخ على النساء والفتيات في موزامبيق

في اليوم الدولي للمناطق المدارية الذي يصادف في 29 يونيو، يتم الاحتفال سنويًا بالتنوع الاستثنائي في المناطق المدارية مع إبراز التحديات والفرص الفريدة التي تواجهها المناطق المدارية. وهو يوفر فرصة لتقييم التقدم المحرز في جميع المناطق المدارية، ولتبادل القصص المدارية والخبرة والاعتراف بتنوع وإمكانات المنطقة.
على غرار البلدان الأخرى في المناطق المدارية، يؤدي تغير المناخ والكوارث الطبيعية في موزامبيق إلى تفاقم مكامن الضعف وعدم المساواة القائمة، لكن النساء والفتيات يتحملن العبء الأكبر.
نامبولا، موزامبيق - عندما ضرب إعصار غومبي الساحل الشمالي لموزامبيق في 11 مارس، كانت مقاطعة نامبولا من بين المناطق الأكثر تضررًا. تسبب الإعصار في دمار واسع النطاق أثّر على أكثر من 700000 شخص وأدى إلى مقتل أكثر من 60 شخصًا. منذ بداية العام، ضربت البلاد كارثتان طبيعيتان كبيرتان، ما تسبب بمزيد من المعاناة لأولئك الذين غالبًا من يعانون أكثر من غيرهم من آثار الكوارث: النساء والفتيات.
في نامبولا، اضطرت إيرلاندا إرنستو، 32 عامًا، وهي سيدة أعمال تبيع المنتجات الزراعية، إلى تعليق أعمالها موقتًا بسبب الفيضانات والطرق غير السالكة. وفي الوقت نفسه، أتلفت المياه المحاصيل في الحقول.
من بين البلدان الأفريقية، تحتل موزامبيق المرتبة الثالثة من حيث التعرض للكوارث الطبيعية. في السنوات الـ42 الماضية، تم تسجيل 15 حالة جفاف و20 فيضانًا و26 إعصارًا استوائيًا، كان غومبي آخرها.

تحذر السيدة إرنستو: "لن نصمد على هذا النحو لفترة أطول. نحن بحاجة إلى القيام بسرعة بكل ما يلزم لمواجهة هذه الأعاصير".
يعمل نحو ثلثي القوى العاملة في موزامبيق في قطاع الزراعة الذي يوظف 90 في المائة من النساء والفتيات في سن العمل (منتدى المرأة، 2019). تأثر الكوارث المناخية بشكل مباشر على النساء والفتيات، ما يجعلهن أكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي والفقر والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ويزيد من اعتمادهن على شركائهن الذكور والأسرة ومالكي الأراضي لكسب عيشهن.
وتضيف السيدة إرنستو: "كنا نسمع في السابق عن الأعاصير التي تضرب كل 10 سنوات، ولكن حاليًا كم اعصارًا علينا أن نتوقع في السنة؟ لقد سئمنا من البدء من الصفر. نحن بحاجة إلى بعض راحة البال، ونريد أن نواصل حياتنا".
يزيد تغير المناخ من أوجه عدم المساواة القائمة بين الجنسين، ما يترك العديد من النساء والفتيات عرضة لخطر النزوح في ظل ترتيبات معيشية مزدحمة أو غير آمنة. كما أنه يعطل خدمات الصحة والإحالة والحماية التي تعتمد عليها النساء والفتيات، ويزيد من معدلات التسرب من المدارس، وحالات العنف القائم على النوع الاجتماعي. لتحقيق انتعاش عادل وشامل ومستدام، من الضروري وضع النساء والفتيات في مراكز مركزية على طاولة المناقشات وصنع القرارات حول قضية تغير المناخ.
منذ عام 2019، تعمل مبادرة تسليط الضوء في موزامبيق على تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة، وتنويع مصادر الدخل المتاحة أمام النساء والفتيات، والوصول إلى المعلومات المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، لا سيما في سياقات الكوارث الطبيعية. أدت هذه الإجراءات إلى زيادة قدرة النساء على التكيف مع الظواهر المناخية المأساوية.
ومع ذلك، لا يزال سؤال السيدة إرنستو من دون إجابة: إلى متى يجب أن تواصل النساء محاولات البدء من جديد؟
الاستقلال المالي والمدخرات يعززان التعافي من الظواهر المناخية
افتتحت سونيا غونسالفيس، 20 عامًا، وتسع شابات أخريات صالونًا لتصفيف الشعر في منطقة موغوفولاس في مقاطعة نامبولا. تمكنَّ من تحقيق ذلك بدعم من Ophavela، وهي منظمة مجتمع مدني وشريكة لمبادرة تسليط الضوء، التي تنظم تدريبات في إدارة الأعمال واستراتيجيات الادخار. مسلحة بهذه المهارات الجديدة، جهزت سونيا وزميلاتها العدّة لإطلاق مشروعهن على أرض الواقع.
تقول سونيا: "كان صالوننا الأول من نوعه في الحي بإدارة نسائية. نقوم بالتناوب على العمل، وبالتالي نحافظ على وظائفنا، وندرس ونعتني بأطفالنا. كان كل شيء يسير على ما يرام بالنسبة لنا، ولكن حين ضرب الإعصار دمر كل شيء".
"يبدو أن هناك ما يعيقنا باستمرار. إنه لأمر محزن أن نضطر لفعل كل شيء مرة أخرى". - أغيرا فرناندو، شريكة في تسيير أعمال صالون تصفيف الشعر الذي دمره الإعصار
أما الأدوات القليلة المتبقية فقد أصبحت موجودة على شرفة منزل أهل إحدى العاملات، حيث يخدمن الزبائن حاليًا.
تضيف سونيا: "إنه لأمر محزن للغاية. تلقينا التدريب والدعم، وكان كل شيء يسير على ما يرام. سيتعين علينا العمل بجد للتعافي من هذا الإعصار. ستساعدنا مدخراتنا، ولكن كل ما أردنا القيام به سيستغرق وقتًا أطول. كنت أدخر المال لنيل شهادتي في الرعاية الصحية ولكن حاليًا لا يمكنني تحمل تكاليف الدراسة".
إن الاستثمار الموجه في التعليم والتدريب الوظيفي للنساء والفتيات هو شكل مستدام من التقدم الاقتصادي الذي يقلل من اعتماد المرأة المالي على الغير ويحررها من مخاطر العنف المرتبط في كثير من الأحيان بالضعف الاقتصادي. لكن هذا التقدم مهدد بسبب ظواهر تغير المناخ، مثل الأعاصير.
تقول أغيرا فرناندو، 18 عامًا، شريكة في تسيير أعمال الصالون إن "إحدى أهم مميزات فريق عملنا هي أنه يمكننا دعم بعضنا البعض. نحن لا نقبل العنف في حياتنا لأننا لم نعد نعتمد على أي شخص بعد الآن. ولكن يبدو أن هناك ما يعيقنا باستمرار، وكان الإعصار آخرها. أعلم أنها مسألة وقت قبل أن نعود إلى الصالون مرة أخرى، لكن من المحزن أن نضطر إلى فعل كل شيء مرة أخرى".
بحلول عام 2021، وبدعم من مبادرة تسليط الضوء، تم الوصول إلى أكثر من 9000 امرأة وفتاة من خلال برامج التمكين الاقتصادي، وسيتعين على العديد منهن، لا سيما المتضررات من إعصار غومبي، استثمار مدخراتهن لإعادة أعمالهن إلى وضعها الطبيعي.
شغل مساحات جديدة في سوق العمل
بدأت إيرلاندا إرنستو، 32 عامًا، عملها في عام 2020. تشتري الفول السوداني والكسافا والذرة من المحاصيل الزراعية التي تنتجها النساء، وتبيعها في الأسواق المحلية في بيلوتو، وهو حي في مدينة نامبولا.
"كل شيء دُمّر. بالنسبة للأشخاص الذين يعتمدون على الأرض في حياتهم مثلنا، انتهى كل شيء. توقفت حياتنا". - السيدة إرنستو
تقول السيدة إرنستو: "بعد التدريب الذي تلقيته والاستثمار الأولي في مشروعي، كانت حياتي تسير على ما يرام، لقد انطلقت. فجأة، أوقفني (إعصار) غومبي. كل شيء دُمّر، وغمرت المياه الحقول أو عزلتها، ولم يتمكن المنتجون من بيع منتجاتهم لأننا، نحن المشترين، لم يكن لدينا أي وسيلة لنقل المنتجات عبر الطرق المدمرة. بالنسبة للأشخاص الذين يعتمدون على الأرض في حياتهم مثلنا، انتهى كل شيء. توقفت حياتنا".
السيدة إرنستو هي جزء من مجموعة نسائية تدعمها Núcleo Todos Contra a Violência ، المعنية بالتنسيق بين منظمات المجتمع المدني في نامبولا وشريكة في مبادرة تسليط الضوء. تشير إلى أهمية تنويع فرص العمل المتاحة أمام النساء في ظل استمرار الكوارث الطبيعية في التأثير على حياة هؤلاء النساء اللواتي يعتمدن فقط على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل.
وتعتبر السيدة إرنستو أن "هذه الكوارث لا تأثر على الجميع بشكل متساو. على سبيل المثال، الرجال لديهم وظائف ومهن لا تعتمد في الغالب على الأرض. لذلك سيتمكنون باستمرار من تأمين الدخل لأسرهم في نهاية الشهر. لا يزال عملنا نحن النساء مرتبطًا إلى حد كبير بالأرض. لاحظتُ أن حياة النساء اللواتي يعمل في قطاعات أخرى قد تأثرت أيضًا، ولكن لم يضطررن إلى التوقف عن العمل، وهذا أمر جيد. إن اختلاف الأشياء التي نقوم بها عامل مساعد في مثل هذه الظروف، لأننا نستطيع مد يد العون لبعضنا البعض".

تعتقد السيدة إرنستو أن مشروعها التجاري المقبل يجب أن يكون استراتيجيًا بدلاً من أن يكون قائمًا على الخوف: "البدء بمشروع جديد يجب أن يكون قرارًا مدروسًا وليس حلاً لحل مشاكل حياتي عندما تضرب هذه الأعاصير. الانخراط بأنشطة تجارية أخرى أمر جيد، ولكن أكثر الأشياء أهمية اليوم هو التحرك لوضع حد لهذه العواصف".
منذ عام 2019، تقوم مبادرة تسليط الضوء بتدريب النساء في مجالات مهنية مختلفة لتزويدهن بخيارات عدة بناءً على فرص العمل ومجالات الاهتمام، مثل الإلكترونيات، والميكانيكا، وتحويل المعادن، وفن الطهي أو الخبز، أو القص والخياطة. كما يساهم وصول النساء والفتيات إلى المجالات المهنية المختلفة في تغيير المعايير الضارة التي تصنف المهن حسب الجنس.
المعلومات والمعارف: مصادر مستدامة ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي وتغير المناخ
"نريد معرفة المزيد عن هذا التغير المناخي. تأثرت مجموعتنا النسائية كثيرًا بالإعصار. يمكننا مناقشة الحلول والتفكير فيها إذا عرفنا المزيد عنها"، تشرح إستيفانيا إدواردو، 34 عامًا، قائدة المجموعة النسائية في حي بيلوتو في مدينة نامبولا.
تُعدّ مجموعة بيلوتو النسائية واحدة من أكثر من 100 منظمة نسائية تدعمها مبادرة تسليط الضوء، وتلقت تدريباً في مجال الدفاع عن حقوق النساء والفتيات ومنع العنف القائم على النوع الاجتماعي والقضاء عليه. تجتمع المجموعة، التي تم تشكيلها في البداية بدعم من منظمة Ophenta، أسبوعياً لمناقشة مواضيع مختلفة، وإحالة حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي، ورفع مستوى الوعي بين المجتمعات عبر المراكز الصحية ومن خلال حملات قرع الأبواب.

تأثرت جميع النساء في المجموعة تقريبًا البالغ عددهن 53 بإعصار غومبي. دمرت الأمطار والرياح منازلهن وتعرض الكثير منهن للسرقة في ليلة الإعصار نفسها، وفقدن الأغذية والأغراض التي كنا يملكنها. جوانا تشيروم واحدة من هؤلاء النساء.
تقول السيدة تشيروم: "تحطم منزل جاري وسقط على منزلي. اضطررت للذهاب مع أطفالي الخمسة إلى منزل جار آخر لأن منزلي كان معرضًا للانهيار. وعندما عدت، كانت المواد الغذائية وملابسي قد اختفت. كان المنزل فارغًا. سرقوا الزيت الذي أستخدمه في تجارة الأغذية. أنا أرملة، لا أعتمد سوى على نفسي، والآن لم يعد لدي مصدر دخل".
في أثناء فترات النزاع أو الكوارث الطبيعية، تكون النساء أول من يفقد أصولهن ووظائفهن، وتكون الفتيات أكثر عرضة للتسرب من المدارس. تروي النساء في حي بيلوتو قصصًا مشابهة لقصة السيدة تشيروم.
"نحن لسنا جاهلات، نحن فقط بحاجة إلى المعلومات. نحتاج إلى معرفة المزيد عن المناخ واتخاذ إجراءات حيال ذلك". - السيدة إدواردو، قائدة المجموعة النسائية في حي بيلوتو
بمنحى عملي وشعور بالحاجة الملحة لدعم النساء في مجتمعها، تطلب إستيفانيا الدعم: "لقد تعلمنا أشياء كثيرة عن العنف القائم على النوع الاجتماعي. لسنا جاهلات، نحتاج فقط إلى معلومات. نحتاج إلى معرفة المزيد عن المناخ واتخاذ إجراءات حيال ذلك. إنه يؤثر علينا أيضًا، ويُعدّ نوعًا من أنواع العنف تجاهنا".
دعمت مبادرة تسليط الضوء ""Linha Verde - 1458، وهو خط ساخن يموله ويديره برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بدعم من وكالات الأمم المتحدة الأخرى، تستخدمه المجتمعات المتضررة من الأزمات. يوفر هذا الخط الساخن الحيوي معلومات من محترفين مدربين ويساعد أيضًا في إحالة الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي إلى الخدمات المتاحة. منذ بداية عام 2022، تعمل مبادرة تسليط الضوء مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وتركز بشكل أساسي على قضية تغير المناخ.
رغم أن هذه البرامج قد أظهرت نتائج ملموسة، إلا أن تغير المناخ هو بمثابة عامل إبطال يؤثر على حياة النساء والفتيات. وباعتبارها واحدة من أكثر البلدان عرضة للظواهر المناخية في القارة، فإن النساء والفتيات في موزامبيق يواجهن حالة طوارئ مناخية ويطالبن باتخاذ إجراءات فورية.
تم نشر هذه المقالة في الأصل على الموقع الإلكتروني لمبادرة تسليط الضوء، هي مبادرة عالمية للأمم المتحدة حظيت بدعم سخي من الاتحاد الأوروبي، تهدف إلى القضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات.
في موزامبيق، تقود وزارة الشؤون الجنسانية والطفولة والعمل الاجتماعي مبادرة تسليط الضوء بالشراكة مع الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني. لمعرفة المزيد عن عمل الأمم المتحدة في موزامبيق، قم بزيارة: Mozambique.UN.org.



