حماية الغابات المقدسة في كوت ديفوار من أجل الناس والكوكب

في 5 يونيو، تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للبيئة، وهو يوم يذكرنا بمدى هشاشة الطبيعة، ومدى اعتمادنا جميعًا عليها من أجل العيش والازدهار. يمثل كل من تغير المناخ، والتلوث، وتدمير الموائل الطبيعية والتنوع البيولوجي القضايا الثلاث الحاسمة التي تدعو الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجتها، في إطار فكرة مركزية واحدة: لا نملك سوى أرض واحدة وعلينا إجراء تحولات عميقة للحفاظ عليها واستعادتها.
في كوت ديفوار، تساعد الأمم المتحدة في الحفاظ وضمان الإدارة المستدامة لأحد مصادر الثروة الطبيعية في البلاد التي لا تقدر بثمن: "الغابات المقدسة".
غابات كوت ديفوار: أحد الأصول الرئيسية للتنوع البيولوجي والتنمية المستدامة
إن كوت ديفوار من بين البلدان التي تتميز بالتنوع البيولوجي. تعد غاباتها موطنًا لثروة بيولوجية استثنائية، لكنها تتدهور بمعدل غير مسبوق، وقد اختفى الكثير منها بالفعل. وفقًا لتقرير عام 2021 الصادر عن المركز العالمي لرصد حفظ الطبيعة التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للتعاون في مجال خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية ومبادرة CocoaSoils، فإن الغطاء الحرجي للبلاد أصبح الآن أقل من 9٪، بانخفاض عن 15٪ في منتصف الثمانينيات.
وتشمل أسباب هذا الانخفاض الحاد التوسع في الزراعة على أراضي الغابات، وقطع الأشجار لإنتاج الأخشاب، وزيادة صعوبة الرصد والمراقبة بسبب وجود عمال مناجم ذهب مسلحين في بعض الأحيان، والصيد الجائر للحيوانات والنباتات البرية. أدى الصراع الذي عطل كوت ديفوار في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى زيادة الضغط على غابات البلاد، وفقًا للتقييم البيئي لما بعد الصراع الذي أجراه برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

تمتلك مقاطعة بيانكوما الواقعة في غرب كوت ديفوار ثروة من "الغابات المقدسة". تضم البلاد أكثر من 6700 منها. تعتبرها المجتمعات المحلية في القرى المجاورة هذه الغابات معابد مقدسة وموطنًا لأرواح أسلافهم الحاميين، كما أنها تلعب دورًا رئيسيًا في بناء هوية المجتمعات وتشكيل طقوس حياتها، لذلك تمت حماية هذه الغابات والأنواع التي تضمها والحفاظ عليها لفترة طويلة.
لكنها اليوم تواجه تهديدًا خطيرًا.
تعمل اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالاشتراك مع حكومة كوت ديفوار على مساعدة المجتمعات الريفية في مقاطعة بيانكوما على حماية غاباتها، والحفاظ على الثروات النباتية التي تمتلكها، وتعزيز التراث الثقافي الذي تمثله بين الشباب، ومنع الاشتباكات بين المجتمعات التي تفاقمت في كثير من الأحيان نتيجة تدنيس هذه الغابات واستغلالها.
"الغابات المقدسة": الحفاظ على الإرث ونقل المعرفة المتوارثة وتمكين النساء والشباب
ساعدت منظمتا الأمم المتحدة في إجراء جرد ورسم خرائط لأنواع النباتات الموجودة ووظائفها في خمس مناطق محلية في جميع أنحاء المقاطعة: غبومبيلو، ديو، غبوني، غاندي، وبيانكوما.

أوضح ديوماندي درو، رئيس كانتون بيانكوما: "لقد مكّن هذا المشروع القادة التقليديين، الذين هم حماة تراثنا الثقافي، بمساعدة الباحثين، من إجراء جرد ثقافي ورسم خرائط لأنواع الأزهار ووظائف الغابات المقدسة في مقاطعة بيانكوما".
وأضاف: "تم نقل هذه المعرفة إلى الأجيال الشابة لتمكينهم من فهم الوظائف والأدوار المختلفة لهذه الغابات، وتحديد موقعها الجغرافي وتعيين حدودها، فضلاً عن الثروة النباتية المتنوعة التي تضمها".
كما ساعدت اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أيضًا في استعادة العديد من الغابات المقدسة في المقاطعة.
وقال درو: "ساعدتنا اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أيضًا في استعادة الغطاء والنظم البيئية لـ11 غابة مقدسة كانت قد تدهورت بسبب الزراعة والتنقيب غير القانوني عن الذهب، وكذلك إنشاء لجنة محلية لحماية الغابات المقدسة وإدارتها".

شكّل ضمان نقل المعارف التقليدية والمعلومات عبر الأجيال أولوية أساسية. وهكذا تم تدريب 50 شابة على تقنيات حفظ الغابات وكيفية استخدام النباتات الطبية من قبل مجموعة من 25 امرأة مسنة يمارسن الطب التقليدي. كما تم توزيع مجموعات أدوات الطبخ على المستفيدين الشباب لتمكينهم من الانخراط في أنشطة مدرة للدخل.
وقالت يارا درابوه، إحدى المدربات: "بالنسبة لنا، نحن النساء المسنات، تعتبر هذه التدريبات عملية انتقال بين الأجيال، فهي تتيح لنا فرصة لنقل معرفتنا وممارستنا الثقافية للطب التقليدي إلى جيل الشباب".
بالإضافة إلى ذلك، دعم المشروع أكثر من 500 شخص من الشباب، من بينهم 98 امرأة، لبدء أعمالهم التجارية الخاصة في مجال الحراجة الزراعية وكذلك في تجارة الكعك التقليدية. للمساعدة في تعزيز السياحة المحلية والتنمية الثقافية، تم تدريب 25 شابًا ليصبحوا مرشدين سياحيين، وتعلم كيفية الترويج لتراث غاباتهم المقدسة.

التماسك الاجتماعي: ركيزة أساسية أخرى للإدارة المستدامة للغابات المقدسة
بالنسبة لمجتمعات مقاطعة بيانكوما، فإن انتهاك غاباتهم المقدسة واستغلالها من قبل المجتمعات الأخرى لا يهدد فقط سبل عيشهم ولكن أيضًا رفاههم الروحي وطريقة حياتهم. وفقًا لمعتقداتهم، فإن أي عمل من أعمال تدنيس هذه الغابات يمكن أن يبلي المجتمع كله.
إدراكًا لأهمية التماسك الاجتماعي بين المجتمعات في جميع أنحاء المقاطعة، دخلت اليونسكو في شراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (بدعم من صندوق الأمم المتحدة لبناء السلام) من عام 2020 إلى عام 2021 لتدريب مئات الشباب وقادة المجتمع، بما في ذلك النساء، على كيفية منع وإدارة الصراعات على تحديد الهوية بين الأجيال من جراء تدنيس الغابات المقدسة واستغلالها.
وهكذا أنشأ المشروع لجان سلام محلية ومنتديات مختلفة للحوار بين المجتمعات المحلية لمكافحة القوالب النمطية وانعدام الثقة والدعوة إلى التعايش السلمي، ونظّم أنشطة للتماسك الاجتماعي المتعلق بالرياض، بما في ذلك بطولات "سباق الأقنعة"، وعقد العديد من الفعاليات الفنية والثقافية.
لتشجيع الناس على الابتعاد عن قطع الأشجار في الغابات، أطلق المشروع أيضًا مبادرات تعاون بين المجتمعات في مجال الثروة الحيوانية وتربية النحل والبستنة، وأنشأ مصانع متعددة الوظائف ومدارس ابتدائية ومراكز شبابية ومساحات مخصصة لمنع النزاعات وحلها من أجل خدمة المجتمعات في جميع أنحاء المقاطعة.
وقال أحد سكان قرية يبلو في مقاطعة بيانكوما: "كانت الغابة جزءًا لا يتجزأ من قريتنا ومن حياتنا لقرون عدة. إنها تحمينا، وتهدئنا، وتستمع إلينا. نريد الحفاظ عليها وحمايتها. من دونها، نفقد روحنا وهويتنا".
في جميع أنحاء العالم، ينهار التنوع البيولوجي، ما يتسبب في اختفاء النظم البيئية بأكملها، وتفاقم أسباب وآثار تغير المناخ، وإفقار المجتمعات التي تعتمد عليه للحفاظ على سبل عيشهم، وظهور الصراعات بسبب ندرة الموارد البيولوجية. إن الغابات هي أحد المصادر الرئيسية للتنوع البيولوجي على كوكب الأرض. إذا أردنا الاستمرار في التمتع بالفوائد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تقدمها، فعلينا أن نبدأ في إدارتها بطريقة مستدامة ومحترمة.
بالتوازي مع هذه المبادرة، تنفذ الأمم المتحدة مشاريع في كوت ديفوار تركز على تعزيز الحراجة الزراعية، التي لا تساعد فقط على استعادة التنوع البيولوجي المحلي بل تزيد أيضًا من الإنتاجية الزراعية، وبالتالي تقليل تحويل الغابات إلى أراضٍ زراعية. عند تطبيق الحراجة الزراعية على زراعة الكاكاو - أحد الأسباب الرئيسية لإزالة الغابات في البلاد - يمكن المساهمة بشكل كبير في استعادة الغطاء الحرجي في كوت ديفوار.
خذ اجراءات الآن لحماية البيئة! قم بقراءة الدليل العملي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة حول كيفية المشاركة والانضمام إلى حملة #لا_نملك_سوى_أرض_واحدة للاحتفال بكوكب الأرض وحمايته واستعادته.
شارك في كتابة المقالة باللغة الفرنسية كل من الأمم المتحدة في كوت ديفوار ومكتب اليونسكو في كوت ديفوار ومكتب التنسيق الإنمائي التابع للأمم المتحدة.
لمزيد من المعلومات حول عمل الأمم المتحدة في كوت ديفوار، قم بزيارة Cotedivoire.UN.org. لمعرفة المزيد حول نتائج عملنا في هذا المجال ومجالات أخرى، اطلع على القسم المخصص لأهداف التنمية المستدامة في تقرير رئيسة مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2022 حول مكتب التنسيق الإنمائي.