لم لا تتصدر مسألة تسلم النساء المواقع القيادية العناوين العريضة؟

لم يكن السؤال يوماً ما إذا كانت النساء يتحلين بحس القيادة كالرجال. لطالما كانت النساء في موقع صنع القرار وهكذا سيكن دائماً، خصوصاً في الأوقات الصعبة، وعندما تحتاج اليهن مجتمعاتهن.
ينبغي علينا طرح السؤال التالي: لماذا تُغيّب بالكامل مسألة تسليمهن المواقع القيادية؟ لماذا تهمّش قدراتهن وقوتهن؟
في خضم الجائحة العالمية، نرى نساء في الصفوف الأمامية في كل مكان: رئيسات حكومة، مشرعات، عاملات في القطاع الصحي، قائدات في المجتمع وأكثر. كذلك تحملت الجمعيات النسائية ومجموعات المجتمع المدني مسؤولية الحد من انتشار الفيروس وخدمة الفئة الأكثر حاجة، وتُركن دائماً خارج مسارات صنع القرار.
تحتل النساء اليوم موقع رئيسة دولة وحكومة في 21 بلداً فقط، مع أنه من الجلي جداً أن سماتهن كقائدات تصلح لأخذ القرارات الشاملة ولحوكمة أكثر تمثيلاً، لا سيما في زمن الجائحة. لا تزال نسبة تمثيل الرجال في البرلمان 79% وهم يحتلون 73% من المواقع الإدارية. كما أن غالبية المفاوضين في عمليات السلام الرسمية هم أيضاً رجال.
يحلّ اليوم العالمي للديمقراطية هذه السنة ليذكرنا بضرورة السماح للنساء بشرح وجهة نظرهن، تجاربهن، واستعدادهن للقيادة إن كنا نأمل إعادة بناء الأشياء بشكل أفضل بعد انتهاء الجائحة.
عندما تتسلم النساء زمام القيادة، يصب الأمر في مصلحة الجميع. وإليكم خمسة أمثلة على ذلك:
1- أظهرت النساء حساً قيادياً عالياً في خلال الجائحة

من ألمانيا الى نيوزلندا، مروراً بالدانمارك وإيسلندا، برهنت النساء القياديات، في خلال جائحة كوفيد-19، عن رؤية واضحة، تعاطف وقدرة كبيرة على التواصل فيما يتعلق بمسألة أخذ القرارات وفي السياسات التي اعتمدنها. فيوسا عثماني، أول رئيسة في كوسوفو، هي من بين نساء قياديات كثيرات تمت الإشادة بدورهن القيادي في خلال الأزمة.
بصفتها معلمة سابقة وأم لفتاتين، عثماني مدافعة شرسة عن تمثيل النساء في السياسة. تقول: "عندما تشارك النساء في الحياة السياسية بتبؤهن مراكز سياسية وحكومية عالية، يساهمن بتكريس سياسات أكثر اتزاناً وأكثر مراعاة لقضية النوع الاجتماعي وللبيئة وأكثر استشرافاً للمستقبل".
واجهت النساء في كوسوفو في خلال الجائحة أعلى مستويات الضعف. وكدول عدة، شهدت كوسوفو ارتفاعاً في حالات العنف الأسري مذ أن فرضت إجراءات الحجر الصحي. تتابع عثماني: "أنا أرفع الصوت بشكل دائم فيما يخص أبعاد الجائحة الجنسانية، عبر تبادل حقائق ومعلومات ذات صلة بالتوازي مع رصد تحركات الحكومة".
لقد انضمت الى حملة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في كوسوفو ضد العنف الأسري بهدف حماية الفئة المهمشة من التهديد الذي تشكله أزمة كوفيد-19، كما تعاونت بشكل وثيق مع منظمة الأمم المتحة للطفولة في قضايا تتعلق بصحة الأطفال وسلامة العائلات.
"يحتل عدد محدود من النساء مواقع قيادية عالمياً والأمر نفسه ينطبق على كوسوفو. يستحيل الوصول الى مجتمع أكثر انتاجية بينما الشعب يعاني من التهميش، التمييز العنصري ويواجه عوائق تتعلق بالنوع الاجتماعي"، إضافة الى ألا بد أن تتضافر جهود الرجال والنساء لإيصال عدد أكبر من النساء الى مواقع صنع القرار.
انقر هنا لقراءة المقابلة الكاملة مع عثماني.
2- النساء في الصف الأمامي في مواجهة انعدام الأمن الغذائي

تدخل المبادئ الديمقراطية في صلب مشروع غويوب، وهو عبارة عن مبادرة تهدف الى توفير الدعم الأساسي للنساء في إندونيسيا في خلال أزمة كوفيد-19. تعني غويوب بالإندونيسية "الإتفاق" أو "معاً". هي نوع من الفلسفة تربط المجتمعات بعضها ببعض حتى وإن عطل التباعد الجسدي وإجراءات الإقفال العام الحياة الإجتماعية.
بالإشتراك مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، مكتب منظمة الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وزّع المشروع أخيراً سللاً غذائية وحقائب النظافة الشخصية لعائلات في عشر قرى سلام على امتداد جافا. لدى وصولها الى القرى، وزع فريق عمل تديره مجموعة من النساء الحزم، بالإشتراك مع منظمة وحيد الإندونيسية غير الحكومية.
"ولّدت القيود الإجتماعية المتخذة على نطاق واسع في مدينتنا تحدياً لنا ... لشراء، تجهيز وتوزيع الحزم الغذائية وحقائب النظافة الشخصية "، تقول سيتي يولايكها، عضوة في فريق العمل من سيدوموليو، في مدينة باتو، شرق جافا. لتجاوز العوائق، لجأت النساء اللواتي ترأسن هذه المبادرة الى مواقع استخدمت في السابق كبنك للغذاء. ومع صعوبة التنقل، تمكنّ من توزيع الحزم على الفئات المجتمعية الأكثر حاجة.
تقول يولايكها: "عبّر السكان عن امتنانهم لتوزيع السلل الغذائية في وقت أقفلت فيه معظم المحال والأسواق. ولم يقتصر استخدامهم لحقائب النظافة الشخصية، التي احتوت على المعقم والصابون، على المنازل فقط، وإنما تعداه الى الأماكن العامة، كمركز أمن القرية".
لقد قامت عضوات فريق العمل أيضاً بدور مهم للوقاية من انتشار الفيروس بهدف حماية صحة القرويات والقرويين، كتعقيم الأماكن العامة، انتاج وتوزيع الكمامات، ونشر التوعية حول الإجراءات الصحية. كما أنشأن مركزاً لجمع البيانات حول فيروس كورونا، تتبع المخالطين، والفحوص الطبية.
لم تقف سرعة تكيفهن مع الظروف المستجدة عند هذا الحد؛ ففي الوقت الذي عانت فيه نساء كثيرات من المردود الضئيل نتيجة إقفال الأسواق وإنعدام فرص العمل، استعدن ما تعلمنه في خلال تدريب سابق على ريادة الأعمال وأنشأن مجموعة عبر تطبيق الواتساب لإطلاق خدمة البيع عبر الإنترنت.
"استخدمت مالكات أكشاك الطعام تطبيق الواتساب لتأمين طلبات الوجبات الجاهزة وخدمة التوصيل الى المنازل. لقد ساهمت هذه المبادرات في تأمين مردود حيوي ومستدام في خلال الجائحة"، تقول يولايكها مبتهجة.
اقرأ عن القائدات الثلاث الأخريات في المقالة المنشورة في الأصل على موقع Medium، والتي كتبتها وأنتجتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة.



