حتى آخر قطرة: مزارعو اليمن يتحولون إلى الري الحديث
في اليمن، أدت ثماني سنوات من النزاع وعدم الاستقرار إلى انهيار الخدمات الأساسية وزيادة البطالة واضطرابات اقتصادية شديدة، لا سيما في القطاع الزراعي.
في حين أن نسبة صغيرة فقط من الغذاء في البلاد يتم إنتاجها محلياً، فإن ما يقرب من ثلثي اليمنيين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم. تأثرت إنتاجية القطاع سلباً بسبب شح المياه وارتفاع تكلفة طرق الري التقليدية. لمعالجة هذا الأمر، تعتبر تقنيات الري الحديثة أمراً بالغ الأهمية.
تبدو مديرية تريم – في محافظة حضرموت شرقي اليمن – وكأنها واحة خضراء بها أشجار النخيل، إلا أنها تتعرض للفيضانات الموسمية وموجات الحر الشديدة التي تؤثر على الأراضي الزراعية وتضر بالمحاصيل
أدركت السلطات الوطنية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه لا بد من القيام بشيء ما ليس لإنقاذ الأراضي الزراعية فحسب، بل أيضاً لإنقاذ سبل عيش المجتمع.
من خلال مشروع مشترك ممول من الاتحاد الأوروبي، مشروع "تعزيز المرونة المؤسسية والاقتصادية في اليمن"، عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع السلطات المحلية للاستجابة للاحتياجات الاقتصادية والزراعية في جميع أنحاء البلاد من خلال إشراك أفراد المجتمع والقطاع الخاص والمجتمع المدني في صنع القرار والتخطيط.
حتى الآن، أدى المشروع إلى زيادة الإنتاج وتحسين الظروف المعيشية للمزارعين وخفض تكاليف الري والتسميد، مما عاد بالفائدة على المجتمعات المحلية بشكل كبير. يساعد المشروع أيضاً على تطوير قدرات السلطات المحلية على إدارة النفقات العامة المتعلقة بالنوع الاجتماعي والشباب.
إنتاج المحاصيل بكفاءة وبتكاليف منخفضة
عادل رويشد، مزارع من وادي الذهب في تريم يبلغ من العمر 36 عاماً، اعتاد زراعة أشجار النخيل باستخدام الطرق التقليدية مثل الري بالغمر. غير أنه بسبب تدهور الأوضاع في البلاد وارتفاع أسعار الوقود والمدخلات الزراعية، أصبحت هذه الطرق مكلفة للغاية.
لحسن الحظ، تمكن عادل من تحسين تقنياته الزراعية باستخدام شبكات الري الحديثة واللوازم الزراعية، بالإضافة إلى التدريب الذي وفره المشروع. تُستخدم أنظمة الري الحديثة لزراعة المحاصيل التي تتطلب كميات صغيرة من المياه على مدى فترات زمنية قصيرة، بدلاً من الري بالغمر. تساعد هذه الأنظمة في الحفاظ على المياه بنسبة تتراوح من 40٪ – 80٪ مقارنة بالطرق التقليدية.
من خلال التحول من الري بالغمر إلى الري بالتنقيط، شهد عادل انخفاضاً كبيراً في التكاليف وفي الوقت نفسه تحسُّن جودة المحاصيل وزيادة الأرباح وتوفير مصادر المياه الثمينة بشكل حاسم.
الآثار الكبيرة للابتكارات البسيطة
كرامة عبيد، مزارع من منطقة دمُّون في تريم، يستخدم طرق الري التقليدية عبر القنوات الترابية منذ 60 عاماً – على الرغم من حقيقة أنها تؤدي إلى فقدان المياه بسبب التبخر، إلا أنها مكلفة للغاية وتتطلب الكثير من الوقت والجهد للإشراف عليها. لحسن الحظ، بعد تدخل المشروع، لاحظ عبيد تغييراً كبيراً: "على حد علمي ، شهد كل مزارع زيادة في الإنتاج وانخفاض تكاليف الري والتسميد وزيادة الدخل وتحسن الظروف المعيشية".
شكري باموسى، مدير عام مكتب الزراعة والري في وادي وصحراء حضرموت، يشرح كيف ساعد ذلك المزارعين على تحسين سلاسل محاصيل الخضار: "استفاد المزارعون في تريم الذين يزرعون الخضار، مثل الكوسا والبصل، بشكل كبير من هذا النظام، لأنه يوفر الكمية الدقيقة من المياه التي تحتاجها التربة".
علي عبد السلام، مسؤول المشروع في وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر في حضرموت، يضاعف من هذا الأثر: "يدعم المشروع المزارعين في زراعة النخيل الخضار في مديرية تريم، ويقلل من استنزاف المياه بنسبة تصل إلى 40٪ فيما يتعلق بزراعة النخيل و 80٪ فيما يتعلق بمحاصيل الخضار. أحدث المشروع فرقاً كبيراً بالنسبة للمزارعين، كما يتضح من زيادة أرباحهم وانخفاض التكاليف التي كانت تُثقل كاهلهم".
في مديرية غيل باوزير، تم تدعيم قنوات المياه لمزارعي الحناء بطول 2,866 متر بدلاً من استخدام القنوات الترابية. أدى هذا التغيير إلى توفير المياه بنسبة 40٪ – 50٪.
إجمالاً، استفادت تريم من 31 أنبوب ري لمزارع نخيل التمر بطول إجمالي بلغ 5,456 متر. بالإضافة إلى ذلك، قدم المشروع شبكات ري فقاعي إلى 70 مزرعة من مزارع نخيل التمر في مديرية تريم وشبكات ري بالتنقيط إلى 300 مزرعة للخضار.
بالنظر إلى المستقبل، فإن النجاح في تريم يمنح الأمل للمزارعين الآخرين في مناطق أخرى في اليمن؛ سيكون تعزيز الدروس ومواصلة بناء القدرات على الصعيد المحلي أمراً بالغ الأهمية في السنوات القادمة. من المتوقع أن يكون لتعزيز الحفاظ على المياه وتشجيع الاستخدام الفعال تأثير كرة الثلج عبر سلاسل القيمة الزراعية بأكملها – مما يؤثر على التعاونيات والمجتمعات المحلية على حد سواء. كل قطرة في اليمن ستحقق الكثير.
لمزيد من المعلومات حول عمل الأمم المتحدة في اليمن، يُرجى زيارة الرابط yemen.un.org.