ميانمار على شفير الجوع: الأهل يمتنعون عن تناول الوجبات لإطعام أطفالهم
في ظل ارتفاع معدلات البطالة وتحليق أسعار المواد الغذائية، والأثر المدمر للفيضانات وتداعيات جائحة كوفيد-19 الخطيرة، تعاني الفئات الأكثر ضعفاً في ميانمار بشكل يومي.
الكفاح اليومي
يكافح كو مين وزوجته ما مو من أجل تأمين الطعام وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء ميانمار. حتى الأطعمة الأساسية لم تعد في متناول أفقر الناس في الحي الذي يعيش فيها الزوجان في ضواحي العاصمة يانغون.
ككل يوم، يذهب كو مين إلى العمل لتأمين قوت لعائلته الصغيرة، ويؤدي وظائف متعددة على أمل جني بعض المال الإضافي، بينما تبقى ما مو في المنزل مع ابنهما وابنتهما. لقد مرت أشهر منذ أن ذهبت إلى السوق للتسوق.
يجمع كو مين حفنة من السبانخ المائي من مستنقع قريب. في طريقه إلى المنزل، توقف عند كشك الحي لشراء بعض البيض والزيت، التي تكفي لتناول وجبة واحدة لعائلته المكونة من أربعة أفراد. عندما يعود كو مين إلى المنزل، تبدأ زوجته في إعداد الغداء. تُقدّم عجة مع البصل المفروم والسبانخ المائي المغلي والقليل من معجون السمك مع الأرز. يتم تأمين هذا الأرز من سلة المساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي.
تقول ما مو: "يمكننا نحن الآباء العيش من دون طعام، لكن الأطفال لا يستطيعون ذلك، لذا يجب أن نجد طريقة لإطعامهم. معظم الناس في الحي يعانون أيضًا. عندما لا يكون لدينا ما يكفي من الطعام، نتشارك ما نملك مع بعضنا البعض. هذه هي الحياة".
مع ارتفاع تكلفة المواد الغذائية الأساسية بنسبة 20% منذ يناير، أصبح عدد أكبر من الآباء يأكلون وجبات أقل حتى يتمكن أطفالهم من تناول الطعام. إنهم يقترضون المال أو ينفقون مدخراتهم أو يبيعون ممتلكاتهم حتى يتمكنوا من وضع الطعام على المائدة.
بعد تقديم المساعدة الغذائية لحوالي مليون شخص في يانغون وماندالاي، قام برنامج الأغذية العالمي بتوسيع تدخلاته في مجال المساعدات للوصول إلى مليوني شخص إضافي، معظمهم في المناطق الحضرية. وفي الوقت نفسه، تواصل التوزيع الشهري للمساعدات الغذائية في المناطق المتضررة من النزاع وتخطط لعمليات الإغاثة الغذائية الطارئة لآلاف النازحين الجدد الذين فقدوا سبل عيشهم وانقلبت حياتهم رأسًا على عقب بسبب أعمال العنف الأخيرة. إنّ غالبية متلقين المعونة الغذائية من برنامج الأغذية العالمي هم من الأمهات والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة أو المسنين.
تتذكر ما مو قائلة: "بكيت فرحًا في اليوم الذي قدّم فيه برنامج الأغذية العالمي الطعام لنا. بعد ظهر ذلك اليوم، عندما تلقينا المساعدة الغذائية، كنت أشعر بمزيج من الحزن والسعادة".
الحياة وسبل العيش على المحك
شهدت ميانمار موجة ثالثة من كوفيد-19 واشتباكات عنيفة بين الجيش والجماعات المسلحة. إضافة إلى هذه الاضطرابات، تعرضت أجزاء من ميانمار للرياح الموسمية هذا العام، وشهدت فياضانات وصل ارتفاعها إلى مترين - ما يكفي لاجتياح منازل بأكملها.
عندما تهطل الأمطار على المنازل في حيها ويبدأ منسوب المياه في الارتفاع، تشعر مي سازاي بالقلق.
مي سازاي، 21 سنة، تعيش مع تسعة أفراد آخرين من عائلتها ، بينهم أربعة أطفال، في مقاطعة كياك مارو بولاية مون الجنوبية. عندما اجتاحت السيول الغزيرة قريتهم، احتُجزت عائلتها لمدة أسبوعين في غرفة في الطابق العلوي من منزلهم الخشبي.
تقول مي سازاي: "كنت أخشى أن تغمر المياه منزلنا، وكنت خائفة من حدوث انهيار أرضي".
في وقت سابق من هذا العام، أدى انهيار أرضي في جامعتها إلى مقتل شخص. وقبل عامين، لقي 60 شخصًا مصرعهم في انهيار أرضي آخر نتيجة هطول أمطار غزيرة في قرية مجاورة.
"كنت قلقة أيضًا من نفاد الأدوية التي تتناولها والدتي المريضة، وعدم وجود طعام يكفي لنا جميعًا".
حاولت الأسرة يائسة تدبير أمورها من خلال نقل أغراضها إلى الطابق الثاني، وتقليل الوجبات من ثلاث وجبات إلى اثنتين في اليوم، وجمع مياه الأمطار وغليها للشرب.
تقول مي سازاي: "الشخص الوحيد الذي لم يقلق هو ابنة أخي البالغة من العمر ثلاث سنوات. لحسن الحظ لم تكن تعرف ما الذي كان يحدث".
لا تحصد الفيضانات أرواح الناس فحسب، بل تدمّر أيضًا سبل عيشهم. فقد الكثير من الناس مصادر دخلهم، ولا سيما العمال الموسميون الذين عملوا في حقول الأرز التي غمرتها مياه الفيضانات. بالإضافة إلى ذلك، تمنع القيود المفروضة على السفر والتدابير الأمنية الخاصة بكوفيد-19 هؤلاء الأشخاص من البحث عن عمل في مكان آخر.
يلجأ الكثيرون إلى المرابين حتى يتمكنوا من شراء الطعام لأسرهم. "يحصلون على قرض لمدة ثلاثة أشهر بفائدة 7%. إذا لم يتمكنوا من سداده، يقترضون مرة أخرى بفائدة إضافية. يصبحوا محاصرين في حلقة مفرغة من الديون"، يشرح هونغ سار هتاو، مدير منظمة المرأة والطفل، وهي منظمة غير حكومية محلية تشارك مع اليونيسف في توزيع إمدادات الإغاثة على سكان المناطق المتضررة من الفيضانات ، بما في ذلك القرية التي تعيش فيها مي سازاي".
وفقًا للأمم المتحدة، يحتاج حوالي ثلاثة ملايين شخص في ميانمار إلى مساعدات طارئة. تتواصل جهود اليونيسف الإنسانية لتقديم مواد الإغائة الأساسية للمجتمعات التي هي في أمس الحاجة إليها.
مي سازاي مصممة على إيجاد طريقة للمساعدة في تحسين وضعها أيضًا. كطالبة في مجال الجغرافيا، تسعى إلى التعرف إلى تأثيرات تغير المناخ. وتقول: "أريد إجراء بعض الأبحاث في موضوع تغير المناخ لأكتشف كيف يمكننا منع حدوث ذلك مرة أخرى".
تستند هذه القصة إلى قصص منشورة في الأصل على الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة في ميانمار (القصة الأولى والقصة الثانية). قدّم الدعم التحريري كل من قبل لايلا بينغ وبول فانديكار من مكتب التنسيق الإنمائي. لمزيد من المعلومات حول عمل الأمم المتحدة في ميانمار، قم بزيارة: Myanmar.un.org. لمعرفة المزيد حول نتائج عملنا في هذا المجال ومجالات أخرى، يرجى الاطلاع على تقرير رئيسة مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة حول مكتب التنسيق الإنمائي.